2024- 03 - 29   |   بحث في الموقع  
logo مداهمة للمخابرات في الكورة.. وهذا ما تم ضبطه logo بالفيديو: شهيد بغارة إسرائيلية على سيارة في البازورية logo المواجهات تشتد جنوباً.. وقصف على اكثر من جبهة logo قتيلتان بحادث سير مروع في هذه المنطقة logo إسرائيل ستنهار... وأزمة تجنيد "الحريديم" تعود الى الواجهة! logo قبل هجوم موسكو... اميركا أرسلت "تحذيرًا مكتوبًا" لأجهزة الأمن الروسية logo مقتل فتاتين بانقلاب سيارة في صيدا! logo كرم: مفهوم القيادة لدى فرنجية مُبنى على الزعاماتية والاستعراض
خمسون ليرة لبنانية جائزة مَن اختار اسم هلي رحباني
2022-06-29 12:26:06

في "بيت الرابية"، على مقربة من انطلياس، حيث تقيم السيدة فيروز، أيقونة تحمل اسم "هلي"، هو المولود الثاني لعاصي وشاعرة الصوت، والذي أصيب بإعاقةٍ مأسويّة بعد عشرين يوماً على ولادته.في أول أيام 1956، وضعت فيروز في دار التوليد الفرنسية "الماترينتيه" في بيروت طفلاً ذكراً. وكتبت مجلة "سلوى المهاجر" يومها "أن الرحبانيين خصّصا جائزة خمس وعشرين ليرة لبنانية للذي يستطيع أن يقدم للطفل اسماً عربياً جميلاً، وقد فازت بالجائزة حضرة عقيلة صاحب بنك انترا السيدة الفاضلة وداد بيدس، اذ قدّمت اسم زياد، فلها تهانينا".في نهاية شهر حزيران 1958، دخلت فيروز مستشفى "الماترنيتيه" من جديد لتضع مولودها الثاني، بينما كان لبنان غارقاً في أزمة حادة بلغت ما يُشبه الحرب الأهلية. كما هو معروف، انطلقت شرارة هذه الأزمة إثر مقتل الصحافي نسيب المتني، فاتخذت الجبهة الوطنية المعارضة للحكم من هذه الحادثة حجة لاتهام الحكومة وإلقاء التبعة عليها، ودعت للعصيان، وعم الاضطراب مختلف المناطق التي لزعماء المعارضة قوة فيها. في المقابل، اتهمت الحكومة، سلطة الجمهورية العربية المتحدة، بدعم المعارضة اللبنانية بالرجال والسلاح. دُعي قائد الجيش الجنرال فؤاد شهاب إلى استخدام القوة للقضاء على الثورة، فرفض ذلك، ووافق على منع امتدادها فحسب. في هذه الأجواء المشحونة، أعلنت الصحافة اللبنانية استفتاء حول تسمية طفل فيروز، ورصد عاصي مبلغ خمسين ليرة للذي يقدم أجمل اسم عربي للمولود، ووقع الاختيار على اسم هلي.في منتصف تموز، استعدت فيروز للعودة سريعاً إلى نشاطها، وهبّت دمشق لاستقبالها في مسرح معرضها الدولي في ليلة 23 أيلول، في ظلّ الأزمة السياسية الأمنية الحادة التي كانت تعصف بلبنان. في 14 تموز، وقع انقلاب عسكري في العراق أطاح الحكم الهاشمي هناك، فخشيت الحكومة اللبنانية على سلامة البلاد، ودعت الولايات المتحدة إلى القيام بتعهّدها فترسل قوة عسكرية تحمي لبنان من وقوع أي عدوان. استجاب الرئيس الأميركي دوايت أيزهاور لطلب الرئيس اللبناني كميل شمعون بسرعة، وأرسل في 15 تموز قوة من جنود البحرية على الساحل اللبناني، على أن هذا الإنزال لم يضع حدّاً للثورة. ظهرت الحاجة إلى رئيس توافقي وقوي لإنقاذ البلاد وإعادة الهدوء والسلم الأهلي. وفي نهاية تموز، انتخب المجلس النيابي فؤاد شهاب لولاية رئاسية مدتها ست سنوات.على وقع هذه الأحداث المتسارعة، كانت دمشق تتهيأ لاستقبال فيروز بحماسة بالغة، وجاء في خبر نشرته مجلة "الصياد" في الرابع من أيلول: "بطاقات فيروز التي تبيعها إدارة معرض دمشق الدولي للحفلة أو الليلة اللبنانية التي ستحييها فيروز ليل 23 أيلول الحالي في دمشق، نفدت كلها. بيعت البطاقة بخمس وعشرين ليرة لبنانية، ومع هذا نفدت كل البطاقات منذ الآن! وقد أثبت هذا أن الشوق لسماع فيروز شخصياً هو أمر عجيب! وأثبت أن شعبية فيروز لا تضاهيها شعبية مطربة أخرى. كما أثبت أن السياسة لن تقتل حبّ الفيروزيين في دمشق لفيروز لبنان والشرق العربي". لكن القدر حال دون هذا اللقاء المرتقب. أُصيب هلي بإعاقة دائمة، واحتجبت فيروز.بعد أسبوعين، كتب جورج إبراهيم خوري في "الصياد" مقالة أعلن فيها أن "فيروز قد تعجز عن الغناء في دمشق بسبب وضعها النفسي"، وقال إن نجمة الغناء كانت قد "رضيت بالغناء في معرض دمشق لعدة أسباب منها إعادة الصلة الروحية بين لبنان وسورية بعدما فرقتهما السياسة". وأضاف: "ما كاد خبر قبول فيروز الاشتراك بمعرض دمشق الدولي ينتشر، حتى ضجّ الشرق أجمع بالبشرى السعيدة. التهبت البطاقات بسعر السوق السوداء. وانهالت البرقيات من البلاد العربية. قامت القيامة ولم تقعد بعد. دمشق كلها تريد أن ترى فيروز تغني حتى لو أدّى ذلك إلى خرق حرمة معرض دمشق الدولي. سيهبون جميعاً ليقولوا إنهم هم أنفسهم طفلها وعشاقها".تكرّر هذا النداء، لكنّ فيروز لم تفلح في تجاوز محنتها، فألغيت الحفلة الموعودة. وفي مطلع تشرين الثاني، كتب سعيد عقل في "الصياد": "فيروز حزينة. انها تتألم كما لا أحد. التي أدخلت أكبر مقدار من الفرح إلى القلوب، وزادت عشايا الجبل افتتاناً، والبطولة لوعة وناراً، وحداء الصحراء شعراً، والحب طهراً وجمالاً، لا، لا يجوز أن تبقى حزينة. لبنان كلّه سيصلي".عادت فيروز إلى العمل بعد أشهر، وكان لها نتاج غزير كما في السابق، وفي مطلع 1960، زارتها سونيا بيروتي في بيتها، وأجرت معها حواراً لم تتطرّق فيه إلى المحنة التي مرّت بها، غير أنها كتبت في مقدّمة هذه المقابلة: "كانت تحتضن هلي وتطعمه بينما جلس زياد عند قدميها يداعب أوتار آلة موسيقية صغيرة". وضمّت المقالة صوراً تشهد لذلك. بعد سنوات طويلة، في صيف 1973، نشرت مجلة "الأسبوع العربي" سلسلة من أربع حلقات استعرضت فيها نازك باسيلا سيرة فيروز وذكرياتها، وجاءت قصة هلي على لسان فيروز بشكل مختزل ومؤثر في الحلقة الثالثة، ونصّها: "الخوف الذي قلت مراراً إنني لم أعرفه وأنا صغيرة، حمله إليّ مرض ابني هلي، وموت والدتي المبكر، ثمّ الحادث الذي تعرّض له عاصي. أمّا هلي، فقد وُلد طبيعياً في صيف العام 1958. كانت بيروت آذاك عابسة مخيفة. تركت الجبل ليلاً وقصدت المستشفى حيث أمضيت الليلة وحيدة. عدت إلى منزلي أحتضن طفلاً طبيعياً يضحك بشراً وعافية. ولكن ما إن مضى على ولادته عشرون يوماً حتّى أصيب بما دعاه الأطبّاء البرقان الحبشي. أقفلت على نفسي وعلى ابني الغرفة ولم أبرحها طيلة ستة أشهر حتى عيل صبري من الترقّب والانتظار والسعي وراء الأطباء. ما زلت أحمل صليب هلي منذ خمسة عاشر عاماً، وسأظلّ أحمله إلى أن يشاء الله".يعود هذا الكلام إلى العام 1973 كما أشرنا، وقد نقلته نازك باسيلا، وأضافت معلّقة: "وفجأة يدفع هلي كرسيه إلى حيث تجلس أمه، فتقتلع الهمّ من عينيها لتبتسم له وتداعبه. يُدرك مدى محبّتها فيقترب مطمئنّاً سعيداً، تقبّله وتمسك بيديه الاثنتين لتدنيه منها بلطف وعطف وحنان. قبلتها له أحلى أغنياتها وأكثرها رقّة. تحمل هم طفلها وتغنّي لأطفال الآخرين".


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top