2024- 03 - 28   |   بحث في الموقع  
logo "نداء الوطن": إعلان موت المال السياسي... لا الصحافة الورقية logo اختفاء الصحافية الفلسطينية بيان أبو سلطان في غزة logo ما صحة انتماء احد الموقوفين المشتبه في تعاملهم مع العدو إلى دائرة الاوقاف السنية؟ logo “انماء طرابلس” هنأت اللبنانيين بحلول عيد الفصح: الحوار السبيل الوحيد لانجاز الملف الرئاسي logo "تفادياً لأي إلتباس"... بيان من المديرية العامة للدفاع المدني logo قطاع يمرّ بـ"أزمة تدميرية"... والأيام المُقبلة حاسمة! logo "لإسرائيلي إصطدم بالحائط"... فياض: ردودنا ستصبح أقسى! logo 3 أسباب وراء "قلق" بري... لبنان إلى الحرب الشاملة؟!
الغبي يقرّر المطالعة
2022-07-02 11:26:08

بفعل الملل الذي بدأ يعتري الغبي، جراء انقطاعه عن العمل، قرر البدء في المطالعة لأجل قتل الفراغ وملء وقته بشيء مفيد، على جاري قول عامة الناس... مع أنه لاحظ أنّ الناس في العصر الراهن المتحضر، ما زالت تعامل الكِتاب، كما كان يعامله الأقدمون، بوصفه منبعاً للحكمة وسبيلاً للخلاص، ومع أن الأمر لم يكن بالنسبة إليه أكثر من مجرد سفاسف، مع فارق بسيط، أن الأمر في السابق كان أجمل وأقل ادعاء في قدرته على أحداث أي فارق نوعي في أرض الواقع للعاجزين عن تنظيمه بشكل مثالي، إضافة إلى كونه مدعاة للأنس ووسيلة تساعد على تحمل مرارة الواقع الذي يعيشونه، فكانوا يراهنون على قوى خارقة في طبيعتها... أما في العصر الحالي فيراهنون ببلاهة على كائن كل صفات الوضاعة تكمن فيه.وبالفعل، اتصل بأحد بائعي الكتب في الإنترنت، المنطلق بمؤسسته مؤخراً، وطلب منه انتقاء عشرة كتب، كي يبتاعها الغبي، واضعاً ثقته في خبرة البائع، خصوصاً أن الغبي جاهل في أمر هذا الشأن. وفي اليوم المضروب، التقيا في أحد مقاهي العاصمة التي ترتادها مروحةً واسعة ومتنوعة من أصحاب الاهتمامات من أعضاء الجمعيات الأهلية الى الكَتبة والشعراء أو مَن لديهم محاولات في هذا الشأن. واعتبر الغبي أن انتقاء المكان من قبل بائع الكتب له دلالاته، إذ يوحي بأنه على معرفة واطلاع واسعَين بهذا الميدان. حضر البائع ومعه شخص، جلسا وطلب الجميع شيئاً يشربونه، وبدأ البائع الحديث عن الكتب وأهمية تشجيعها، وأن غايته ليست مقتصرة على ربح المال منها، بل أيضاً لأنه لا يجد نفسه إلا في هذه المهنة لأنها تعطيه معنى لحياته، شارحاً للغبي كيف أنه بإمكانه إذا وجد لديه الرغبة في قول شيء أو الإدلاء بأي تعليق عن الكتب التي سيقرأها، فهو كله آذان صاغية. كما أنه وجّه دعوة للغبي كي ينضمّ إلى نادي القراءة الذي تنظمه مؤسسته، والجو فيه كله ألفة حيث سيلتقي بأشخاص ذوي اهتمامات تشبه اهتمامات صديقنا الغبي بطبيعة الحال. شكره الغبي ورحب بهذا الجو الاحتفالي لعملية ابتياع كتب، إذ إن الأجواء المرافقة لها، لا توحي أنها تقتصر على إتمام صفقة ربحية، فتنفس ملء رئتيه، وأسند ظهره الى الكرسي مطمئناً الى حسن اختياره وأنه أصاب في انتقاء هذه الهواية المفيدة إنسانياً لقتل أوقات فراغه الطويلة والمضجرة.بعد قليل سأل الغبي صاحب المؤسسة: ما المبلغ المتوجب عليه بدل الكتب التي ابتاعها؟ حنق البائع وقال له "عليّ أولاً أن أستعرض أمامك ما انتقيت لك من كتب ولتتأكد بالملموس، أن الغاية لم تكن فقط مجرد بيعك كتباً، بل هي نشاط ثقافي". ثمّ أخذ البائع يستعرض الكتاب تلو الآخر، معرفاً عنها على الشكل التالي: "هذا الكتاب نال جائزة عالمية كبرى بعد دخوله في منافسة شديدة مع أساطين المعرفة، ولجنة التحكيم كانت في وضع صعب لاختيار الكتاب الأفضل بين المتنافسين الكبار، الى أن قرّ رأيها على هذا الكتاب".قال له الغبي: والثاني؟، فأجابه البائع: "الثاني وصل الى اللائحة القصيرة في المنافسة على جائزة لأحد كبار الكتاب في إحدى الدول الأوروبية. و"الثالث"؟، رد البائع: "الكتاب الثالث كان سبباً في نيل الكاتب من دولته وسام شرف من أعلى الرتب".بدأت ملامح الغبي وقسمات وجهه تتغيّر، فسأل البائع: هل كل هذه الكتب التي تريد بيعي إياها نالت جوائز أو دخلت في المنافسة للحصول عليها؟ فأجابه البائع بثقة مفرطة، وكما لو أنه قد نال رضى الغبي: "أكيد طبعاً، وهي تحقق أعلى نسبة مبيعات، والصحف لا تكف عن الكتابة عنها، ناهيك بالندوات الفكرية التي تعقد لأجل مناقشتها وتفنيدها هنا وفي العالم". "حسناً"، قال الغبي، وسأل البائع ما هو المتوجب علي دفعه؟ أجاب البائع: "يبلغ ثمنها مئتي دولار، لكني سأجري لك حسماً فيصبح السعر النهائي مئة وخمسين دولاراً"."هل أنت راضٍ عن الحسم؟"، يسأل البائع الغبي الذي يجيبه: "راضٍ، لكني سأدفع لك المبلغ كله، أي مئتي دولار، لأنك صاحب ضمير مهني وتمتلك ثقافة واسعة فيها". وناوله المبلغ من فوره المبلغ، وأخذ الكتب، ومن فوره، بدأ بتمزيقها على مرأى البائع والحضور، رامياً أوراقها في الأكياس التي أتت فيها، وسط ذهول الجميع. وعندما أنهى تمزيق جميع الكتب، نادى على الموظف العامل في المقهى، فطلب منه رمي الأكياس في مستوعبات النفايات بعدما منحه إكرامية سخية، من دون أن يقدم أي تفسير لفعلته هذه. فالأغبياء عادة لا يفصحون عن أسباب أقوالهم أو أفعالهم التي تصدر عنهم عفواً.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top