2024- 04 - 20   |   بحث في الموقع  
logo جعجع "يهتدي" بخصومه: الهجوم على السوريين كعدو سهل ومربح logo التلفزيون الفرنسي يلتفّ على الحظر الاسرائيلي..بتسجيل تقرير من غزة logo الاليزيه: ماكرون يواصل التحرك من أجل استقرار لبنان logo الهجوم الإسرائيلي على إيران "بلا أضرار"..ومفاعيله انتهت! logo نتنياهو فوّت فرصتين لصفقة تبادل..السنوار عاد إلى مطالبه logo حصاد ″″: أهم وأبرز الاحداث ليوم الجمعة logo ليبرمان يتحدث عن "خطة" نتنياهو للتهرب من تحمل مسؤولية "طوفان الأقصى"! logo بعد هجوم أصفهان.. هل نجت إيران من كارثة؟
من "سابرينا" إلى "ساندمان".. السِّحر يتقهقر على سلالم الدين!
2022-08-08 18:26:05

في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، اعتمدت مجموعة القصص المصورة "ذا ساندمان" على الدمج بين عالم الأبطال الخارقين وعوالم الميثيولوجيا الدينية في الديانات الإبراهيمية، لتقديم قصة مشوقة عن رجل الرمال أو ملك الأحلام، مورفيوس، الذي يحتجزه البشر أكثر من مئة عام. لكن السلسلة التلفزيونية التي قدمتها "نتفليكس" أخيراً، كانت مخيبة للآمال تحديداً بسبب ذلك الاعتماد الذي تجاوزته أعمال تلفزيونية وسينمائية وأدبية كثيرة في السنوات الأخيرة.
مشاكل السلسلة كثيرة للأسف، رغم الإبهار البصري والإنتاج الباذخ. فالقصة المشوقة في بدايتها تغيب مع تحييد شخصية "رجل الرمال" وتحويله إلى شخصية ثانوية والتركيز على القصص الجانبية، من دون ربط مشوق بينها. لكن طغيان الميثولوجيا الدينية على المشهد يبقى الأكثر استفزازاً، من ثنائية الجحيم والجنة إلى قصة قابيل وهابيل، والشيطان لوسيفر مورننغ ستار، الملاك السابق وقائد الجحيم، وغيرها من القصص التي تركز عليها السلسلة كواقع محتوم لا نقاش فيه.
وإن كانت تلك الميثولوجيا تحضر في مسلسلات كثيرة، من بينها إنتاجات لـ"نتفليكس" نفسها، إلا أن المقاربة هي ما يختلف. في سلسلة "سابرينا" على سبيل المثال، بنيت القصة ككل على الدمج بين عالم السحر وعالم الميثولوجيا الدينية مع عنصر بشري، من أجل السخرية المطلقة من الإيمان بوصفه وجهة نظر لا تستحق التقديس. هذا بالتحديد ما ينقص في "ّذا ساندمان" حيث تكرّس القصة الأفكار الدينية، بدلاً من انتقادها كسلطة تقلل من قيمة الإنسان.وليست "ذا ساندمان" السلسلة الوحيدة التي تعاني هذه المشكلة، فسلسلة "لوسيفر" قدمت الخطاب نفسه طوال ستة مواسم، رغم أن فكرة السلسلة مثيرة للاهتمام وتبدأ من أن الشيطان لوسيفر بدأ يشعر بالملل من حياته ويريد التغيير بتجربة الحياة البشرية قبل الوقوع في حب امرأة بشرية. لكن تلك كانت خطة من الله، لا أكثر، من أجل إعداده لقدره المحتوم. وطوال المواسم الستة، لم يكن هناك أكثر من ترداد للخطاب الديني الكلاسيكي ذاته، لتكريسه كحقيقة لا تقبل الشك، بطريقة تظهر من يشكك في الروايات الدينية وكأنه شخص ضيق الأفق ومحدود التفكير!هذه النوعية من المقاربات ترضي فئات الجمهور المحافظ اليوم، بلعبها على الوتر الديني وتقديم الإيمان كمكان دافئ ومريح في عالم متقلب اقتصادياً وسياسياً. ربما كان الوضع مختلفاً قبل عقود، في الثمانينيات والتسعينيات، عندما كان مجرد الدمج بين العوالم الدينية والخيالية "خطيئة" تثير حفيظة المتدينين أنفسهم. لكن ما تم تقديمه من أفلام وروايات ومسلسلات وقصص مصورة ومانغا ورسوم متحركة وغيرها، منذ مطلع الألفية، بموازاة التقدم التكنولوجي، يجعل هذه المقاربات القديمة سطحية وعفا عليها الزمن أولاً. وثانياً، أن الأفكار الجديدة والمبتكرة تماماً في تلك النوعية من الأعمال الرائدة، يجعل الميثولوجيا الدينية مدخلاً سهلاً لتقديم القصص لأنها أصلاً موجودة منذ آلاف السنين ولا تحتاج إلى عقلية خلاقة لتقديمها.في "ذا ساندمان" تعرض قصة قابيل وهابيل، ولدَي آدم، بوصفهما القاتل الأول والضحية الأولى. يعيشان في مملكة الأحلام ويكرران تلك القصة يومياً إلى الأبد. كان ذلك ليكون مقبولاً لو كانت الشخصيتان من صنع مورفيوس كحلم أو كابوس، يختبره البشر في نومهم، ويتناقلونه بالتالي كقصة خيالية. لكنهما في المسلسل يظهران كإنسانين من خلق الله الذي وضعهما في عالم الأحلام إلى الأبد من دون أن يمتلك مورفيوس أي سلطة عليهما، وحتى بعد انهيار المملكة إثر رحيل مورفيوس الطويل عنها، يبقيان وحدهما من دون تغيير يذكر.في "سابرينا" بالمقابل، يمكن المقارنة بين شخصيتي العمتين زيلدا وهيلدا، وبين شخصيتي قابيل وهابيل. فتقتل زيلدا شقيقتها هيلدا باستمرار وتدفنها في حديقة منزل العائلة المقدسة، لأن ترابها ممزوج بالتراب الذي حصلت فيه الجريمة الأولى في التاريخ، كإشارة لقابيل وهابيل. لكن القالب الكوميدي العام وحضور السحر كقوة غير إلهية، والسياق ككل، يجعل من الفكرة استهزاء بالنص الديني وإظهاراً لمدى سخفه عند التفكير فيه ملياً، بدلاً من تقديم الشخصيات نفسها بهالتها المقدسة.وإن كان الاعتماد على النص الديني بهذا الشكل، يقتل الإبداع ويضع حواجز أمام التفكير، فإنه بعد مشاهدة "ذا ساندمان" لا يمكن سوى التساؤل: كيف لقصة فانتازية أن تقدم الخطاب الديني كما هو، وتفشل في خلق عالم كامل خاص بها يتمتع بخاصية الحداثة والجدية؟ رغم أن بناء العوالم هو بالتحديد ما يميز قصة فانتازية جيدة عن قصة فانتازية ممتازة!و"نتفليكس" التي تمتلك شهرة، في الشرق الأوسط تحديداً، على أنها المكان الذي تعرض فيه الأفكار الجديدة بلا قيود، لدرجة محاربتها من قبل المتدينين في المنطقة بوصفها "مرتعاً للفساد" ومشروعاً غربياً لإفساد الأجيال الشابة، تتصرف يوماً بعد يوم كشركة تقنية أكثر من كونها شركة منتجة للدراما. ورغم أن ذلك أساس فكرة مشروع "نتفليكس" الإنتاجي الذي غيّر الطريقة الكلاسيكية في صناعة الدراما في الولايات المتحدة تحديداً، فإن ذلك بالتحديد ما يقيد "نتفليكس" اليوم، مع سعي الشركة نحو إرضاء الجمهور المستاء منها، بدلاً من التركيز على الجمهور الذي تابع "نتفليكس" لما كانت عليه قبل سنوات، كمكان للأفكار الطازجة.للدلالة على ذلك تبرز سلسلة "مانيفيست" التي لم تنتجها "نتفليكس"، بل عرضتها فقط، على أن تنتج جزءاً جديداً منها قريباً، بعدما تصدرت لوائح المشاهدة حول العالم. وفيها يتم تقديم قصة ساذجة يفترض أنها من الخيال العلمي، ويتم تبرير كل ما يجري فيها على أنه خطة الرب لنهاية الزمان وتحقيق للنبوءات الدينية المذكورة في الكتاب المقدس، لا أكثر. والأسوأ أنها تقدم أفكاراً محافظة من الناحية الاجتماعية وثقافة العائلة التي باتت هوساً لدى "نتفليكس" حيث بات الكثير من إنتاجاتها في العامين الأخيرين مناسباً لأعمار 7 سنوات وما فوق!


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top