2024- 04 - 26   |   بحث في الموقع  
logo لبنان حائر بملف اللجوء السوري: العودة لخطة شرف الدين! logo لغة حماس "تتغيّر": وقف الحرب بـ1701 واتفاقية الهدنة للبنان logo الجيش يوقف 3 أشخاص لارتكابهم جرائم مختلفة logo بن غفير يرفض السماح بزيارات للمعتقلين الفلسطينيين:يضرّ بالمفاوضات logo "الجيش الوطني"يطلق سراح قائد"فرقة المعتصم"..ويلاحق من عزله logo فوز الرياضي على غوركان الايراني في سلة “وصل” logo مشروعان لتنظيم البث التلفزيوني المدفوع بلبنان:ما الفارق بينIPTV وOTT؟ logo بعد مرور 6 أشهر... تقريرٌ فرنسي يظهر انقسام الرأي العام الإسرائيلي بشأن حرب غزة
هناء وتهاني وغنوة: القضاء المعتكف يحرم الضحايا من العدالة
2022-10-02 11:26:20

"كل يوم عم نعيشه سم وتعب". بهذه الكلمات لخصت شقيقة غنوة علاوي (41 سنة، لبنانية) ضحية العنف الأسري الوحشي، والتّي حاولت وضع حدّ لحياتها الشهر الماضي، بعد حفلة تعذيب جسدي ونفسي على يدّ زوجها، معاناة الأسرة في تحصيل حق غنوة بالعدالة والحكم المعبر لمعنفها، في ظلّ الاعتكاف القضائي. فغنوة اليوم تحاول لململة ما تبقى من طاقتها النفسية والجسدية لانتزاع العدالة المشلولة والمعتكفة، ومحاسبة معنفها الذي لا يزال حرًّا طليقًا. العدالة، هذا الرهان اليتيم الذي تُعلق غنوة وذويها آمالهم عليه، أسوةً بسائر ضحايا العنف الأسري من نساء وأطفال في لبنان.
وإن كانت كلمات شقيقة غنوة تعكس واقع النساء وحقوقهن وكرامتهن في لبنان، وارتهان حياتهن قسرًا لرحمة الأوصياء عليهن من الرجال، والمتقاعسين عن حماية حقوقهن من أجهزة أمنية وقضائية، فقد بات شغل الرأي العام الوحيد هو أرشفة المآسي المتلاحقة: نساء وأطفال من ضحايا العنف الأسري، تتصاعد أعدادهم طرديًا. المعنِفون طلقاء يسرحون ويمرحون من دون خشية من عقاب محتمل، وملفات مكدسة في أدراج المخافر والنيابة العام والمحاكم. وذلك بالرغم من كل القوانين والتشريعات والمبادرات الأهلية والحقوقية المنددة بهذا العنف الذي لا يزال شبه مبرر اجتماعيًا، ومحكوماً بواقع قضائي مشلول ومرتهن منذ عقود للقالب التهميشي ذاته الذي غيب النسوة اللبنانيات في الصفوف الخلفية.بيت الطاعةفي العشرين من حزيران الماضي، ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بخبر تعرض تهاني حرب (29 سنة، لبنانية من البقاع الغربي، أم لطفلين)، لمحاولة قتل على يدّ زوجها محمد قمر، وبعد إسعافها ونقلها إلى مستشفى سحمر الحكومي، أُجريت لتهاني عدة عمليات جراحية، كاستئصال الطحال، لوقف النزيف الحاد في منطقة البطن وتجبير الكسور ورتق الجروح التّي توزعت على مختلف أنحاء جسمها (راجع "المدن") . ولبثت في العناية المركزة لعدّة أسابيع في ظرف صحي ونفسي صعب. وبُعيد الحادثة، أُثيرت بلبلة واسعة أعقبتها موجة غضب أهلية وحقوقية استتكرت الجريمة، وطالبت القضاء اللبناني بالتدخل لصالح تهاني، كما ورُفعت عدة شكاوى قضائية من قبل أهل الضحية على الزوج، الذي لاذ بالفرار مدة زمنية لا يستهان بها.
وفي حديثها مع "المدن" أشارت مصادر مقربة من العائلة، أن تهاني التّي طالبت أهلها برفع شكاوى قضائية وهي في المشفى، أسقطت فور خروجها منها كافة الشكاوى التّي أُصدر على أساسها قرار جلب الزوج محمد قمر، والذي أوقف حوالى الأسبوعين، وعادت لبيت زوجها بصورة مفاجئة جدًا، بحجة حماية أسرتها وأطفالها من التفكك والضياع. وزعمت المصادر أن جهات عائلية تدخلت في قرار تهاني وأجبرتها على العودة. كما وأكدّت هذه المصادر أن تهاني ترفض الحديث إعلاميًا عن قضيتها، فضلاً عن تدخل الجمعيات التّي تولت قضيتها..
وإن كانت قضية تهاني لا تخلو من شبهة الوصاية العائلية أو الحزبية أو الطائفية، فإن هذه الحالة لا يمكن فصلها عن اتصالها المباشر بالموروثات والأعراف الاجتماعية التقليدية، التّي تُسقط من اعتباراتها حقوق الإنسان في المرتبة الأولى، وتجعلها رهينةً للعيب الاجتماعي، والنظرة الدونية لها عند مطالبتها بحقها، خصوصاً النساء اللواتي لا يزلن مرتهنات لهذه النظرة بحكم شرعي أحيانًا، كالرجوع قسرًا إلى "بيت الطاعة"، أو بحكم اجتماعي مخافة الطلاق، أو الخوف من المعنِف الذي لا يتلقى العقوبة التّي يستحقها، بل وبمأمن عن المحاسبة أحيانًا أخرى.معنف متربص بضحيتهلم يُمض زوج غنوة علاوي (41 سنة، لبنانية من البترون، أم لثلاث أطفال)، أسابيع قليلة موقوفًا في النظارة مطلع الشهر الماضي، بتهمة التعنيف وتصوير زوجته في فيديو يوثّق إعتداءه عليها بقصد الإذلال والتشفي وانتهاك كرامتها، ثمّ إرساله لشقيقتها، كما ونشره على صفحته على فايسبوك. ففي ظلّ الاعتكاف القضائي، أخلي سبيل الزوج المعنف عياش موسى طراق (42 سنة، لبناني) وهو معاون أول في قوى الأمن الداخلي (راجع "المدن"). ولم تتم محاكمته لا مسلكيًا -كما حاولت محاميته جعلها- ولا قضائيًا. وحسب ما أشارت شقيقة الضحية عند تواصل "المدن" معها، فإن الزوج يحاول الآن إبتزاز الضحية للعودة إلى منزلهما الزوجي، بحجة الأطفال تارةً وبالندم والاعتذار تارةً أخرى.
إلا أن الضحية غنوة علاوي والتّي حاولت الانتحار بتاريخ 10 آب الماضي، نتيجة الصدمة والاكتئاب الحاد الذي تسبب بهما الزوج، أكان بتصوير الفيديو وتراكم 14 سنة من العنف الأسري الوحشي، طلبت الطلاق منه، وتحاول هي وذويها متابعة مسار القضية قضائيًا، معلقة آمالها على فك الاعتكاف لتقديم شكوى مجددًا، فيما تتولى منظمة "كفى" مسار القضية. وقد أعربت المنظمة عن تخوفها، وحذرت من تبعات هذا الاعتكاف على حقوق النساء وحياتهن في ظلّه. فيما لا تزال غنوة تحت الرقابة الصحية والنفسية وفي طور العلاج.
فمنذ إعلان القضاة الاعتكاف "الأشرس" كما أسماه البعض في تاريخ لبنان، تدور التساؤلات عن دور القضاء اللبناني اليوم في هذه المرحلة الحرجة من الانهيار التاريخي، وجديّته في حمل مسؤولية الحكم بالعدالة والسّهر على حسن سيرها. فعلى الرغم من كل المزاعم التّي انبثقت لتبرير مقاربة القضاة لهذه الإشكالية، لا يمكننا حتّى لو تقصدنا التغاضي، نسيان واقع الشلل القانوني الذي نشهده اليوم، وارتداداته المباشرة على حقوق المواطنين وتعطيل تحصيلها عن طريق حكم يثبتها، ولو تعذر تنفيذه. وفي هذه الحالة فإن غنوة تدفع ثمن الشلل المؤسساتي للدولة وتهاون السّلطات المعنية بقضيتها وبحياتها وحقوقها، فيما يسرح المعنف ويمرح متعقبًا ضحيته، غير آبه بمحاسبة وعقوبة لاحقة.القاتل والثأرترفض عائلة هناء الخضر (21 عامًا، لبنانية من طرابلس، وأم لطفلين) والتّي هي من سكان وادي خالد ومن عشائرها العرب، سجن قاتل ابنتهم، وتُطالب بإطلاق سراحه لتقتص هي منه، لأخذ الثأر لابنتهم هناء التّي توفيت متأثرة بجراحها في 17 آب الماضي، بعد أن قام زوجها، عثمان عكاري، من محلة باب الرَمل في طرابس، شمالي لبنان، بإضرام النار بزوجته الحامل في شهرها الخامس، داخل مطبخ منزلهما، بسبب مشادات كلامية حصلت بينهما، لإجبارها على إجهاض جنينها، بحجة الضائقة المالية، وذلك بتاريخ 6 آب (راجع "المدن "). وذكرت مصادر مقربة من العائلة "للمدن" أنها تنتظر بفارغ الصبر إطلاق سراحه، لقتله، بعد ارتكابه جريمته الوحشية بحق ابنتهم، مخلفًا صدمة بالغة لدى طفليها اللذين يقطنان حاليًا في منزل جديهما لأمهما.
ولا يزال القاتل عثمان عكاري موقوفًا في النيابة العامة في طرابلس، ولم يصدر بحقه أي حكم قضائي، بسبب الاعتكاف. وقد راج الحديث -حسب مصادر "المدن" الأمنية في طرابلس- أن إخلاء سبيله بات محتملاً، فيما لا تزال والدته شريكته في جريمة القتل حرةً طليقة، ولم يتم التحقيق معها، كما أشار المصدر. وقد حاول محامي الضحية، مرارًا الحؤول دون تمرير إخلاء السبيل، وطمس القضية في أدراج القضاء من دون حصول الضحية وأطفالها على العدالة التّي يستحقونها.الواقع المأزومفي أواخر الشهر الماضي، نشرت منظمة "كفى" جدولاً إحصائيًا مقسمًا وفق المناطق، 15 حالة عنف أسري لنساء لجأن إليها بين 23 آب و25 آب 2022، وصرحت في تقريرها أن كافة هذه الحالات لم يُتخذ بحقها أي إجراء قانوني بسبب الاعتكاف القضائي. وقد حذرت المنظمة قبيل نشرها الإحصاء من خطورة التصاعد المطرد لوتيرة العنف ضدّ النساء في لبنان، والتّي وصلت حدّ مقتل ثلاث نسوة في أسبوعٍ واحد. فضلاً عن التداعيات الخطيرة لاعتكاف القضاة في لبنان التي تنعكس على النساء والأطفال ضحايا العنف الأسري. فيما لا يزال المعنفون في أمان واستقرار نسبي لم تزعزعه غيرة الأمن والقضاء اللبناني على حقوق وأرواح مواطنيه.
على أي حال، ليس بجديد الواقع المأزوم لحقوق النساء في لبنان، ولعلنا حاولنا تلخيصه جزئيًا، انطلاقًا من ثلاث قضايا ضجت بها وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام مؤخرًا، لتسليط الضوء، على الشوط الطويل الذي يفصل القضاء اللبناني -المعتكف اليوم- عن أداء واجباته تجاه هؤلاء المواطنات.
وليس مبالغة، إذا جزمنا أننا نشهد انهيارًا علانيًا لمفهوم العدالة والحقوق، وهدراً موصولاً لهما، وإن كان هذا الهدر هو نتيجةً حتمية لتراكم الأزمات، فإنه حتمًا أفقد المواطن المنكوب ما تبقى من ثقته بالسّلطة المولجة بحمايته. أما المواطنة اللبنانية فلا ثقة عندها بالقضاء أساسًا، فلا عدالة لها كانت قبل الاعتكاف ولا عدالة فيه وبعده، بالرغم من كافة التشريعات والقوانين.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top