"الحقّ أقول لكم ليس نبيّ مقبولاً في وطنه"، لا سيّما اذا كان هذا الوطنُ لبنان.
 
كنّا نعلمُ بوجود الفسادِ في مجتمعنا وفي وطننا، لكنّنا لم نكن نعرفُ أن الفساد  كان ينتقل كالغرغرينا في جسد وطننا الحبيب، وأنّ فسادَ الداخلِ أداةٌ للخارج يُدمّر بواسطتها اقتصادنا وأماننا واقتصادنا وأحلامنا. قد غاب عنّا أن قسماً لا بأس به، من شعبٍ كان عظيماً ، يجري خلفَ ثروات ومصالح، يفتقدُ للمواطنية، ويتبعُ من يغدق عليه الاموال وينصاع الى المخططات غير مهتم بمصيرِ اشقائه في الوطن والوطن...
 
سقطَت الأقنعة في عهدِ ميشال عون...
فانجلت الحقائق المدموسة في دهاليزهم.. لنُدرك تماما كما أدرك هو... أن الغرغرينا وصلَت الى القلب والرّئتين .... وأصبح الوطن يتنفس فسادا...وبات جسده غريبا عن دماغه...  كشفَ ميشال عون للصّادقين وللّذين يشبهونه، أن الفساد أضحى ثقافة والفاسدين ابطالا ومنظومات الفساد هي الآمرة الناهية في كل اجزاء الوطن المريض  تطمع بما يمكن اعتصاره منه ومن ثرواته المنسية منذ عصور، والتي لولا اصراره وثباته على موقفه وجهود الوزير السابق جبران باسيل ، لما فُتحت ملفات بعضها... وتحقق انجازين تاريخيّين مهمّين في تاريخ لبنان المعاصر هما التنقيب عن النفط وترسيم الحدود البحرية الجنوبية.
 
في بداية عهده، حاولَ عون  محاورة المنظومة الحاكمة، علّه يجدُ بعضاً من غبارٍ لنيّة بناء دولة كما يحلم الكثيرون منّا.  لم تقبل المنظومة تلك الطروحات الغريبة عنهم، فَهُم لهم لبنانهم ولميشال عون لبنانه. صفقوا له في كل خطاب، لانهم تعودوا التصفيق للكلام... فالعمل يزعجهم... وحينما ادركوا أن ليس لميشال عون نيّة في الانصياع  لفسادهم، اعتمدوا سياسة انهاكه والهائه بملفات ومشاكل في البداية كان يجد الحلول لها.
فكان "لكلِّ عرسٍ قرص" ،   شللٌ حكوميّ...يتبعه ايقاف خطط عديدة... يرفضون اعطاءه وزن ما يمثله، يماطلون بلا كلل ولا ملل ليضيّعوا فرصة الاصلاح .. 
 وعندما أصرّ على المسّ بالمحرّم  وتمسك بضرورة محاكمة الفاسدين وتحقيق التدقيق الجنائي، فُتحت ابواب جهنم على عهده بمصراعيها وغسلوا ذاكرة قسم من الشعب ، ورحّبوا بالاجندات الخارجية التي لا يناسبها رئيس يرفض التوقيع  الا حيث يجد مصلحة وطنه...
وكانت الضربة الاخيرة، في جسم العدالة، والعدالة هي اساس الملك وان لم يكن هناك من محاسبةٍ...فلم يعد هنالك من قيودٍ للفساد وأتباعه. 
 
 
أينَ الثائرونَ على الفساد؟ أين قطاع الطرق؟ أين الطوابير؟ أين وأين وأين...أم أنّ اللبنانيون فجأة اغتنوا واختفت مشاكلهم كافةً؟؟؟ ام أنّ المحرضون أوقفوا حلقات مسلسلاتهم التّحريضية... فلم يعد هنالك من ميشال عون في بعبدا للتصويب عليه وأصبحوا هم في مرمى النيران...
 
عهدُ ميشال عون بِمساوئه وايجابياته، كان عهدا غريباً جداً، وكأنّ الصدق أصبح غريبا في وطنه، مجرماً في ما لم يرتكبه،  لن يفهم ميشال عون  الا الصادقون مثله والذين لديهم في خاطرهم الحلم ذاته ... وفقط اولئك الذين يتنفسون حرية وحقيقة .....