2024- 03 - 28   |   بحث في الموقع  
logo 62 شهيداً جديداً..والحركة الاستيطانية تخطط للاستيلاء على أراضي غزة logo أميركا تغيّر من نهجها تجاه عملية إسرائيل في رفح... تقرير يكشف! logo حمية يتحدث عن "معيار الأولوية" لدى وزارة الأشغال! logo بشأن تمديد المهل... قراران من المالية logo بو حبيب يلتقي فرونتسكا... اليكم ما تم بحثه logo بدلات "لا تسمن ولا تغني من جوع"... سؤال برسم ميقاتي والنوّاب! logo عقوبات أميركية على موقع "غزة الآن": يدعم "حماس" logo العراقي حارق القرآن يتوجه إلى النروج طلباً للجوء
تسييس الهوية الجنسية... اليمين العالمي: لا مكان للمثليين بيننا
2022-11-25 15:26:09

من خلال هذا التقارب القيمي بين القطبين المتصارعين، يتضح أن أوروبا تحارب من خلال خطاب "يميني" يحفز اللُّغة الاقصائيّة، وروسيا تندفع بلا هوادة نحو تطبيق الراديكالية في الحياة اليومية. فبين "البروباغندا المثلية" و"الايديولوجيا الجندريّة" التي يطوعها اليمين الأوروبي لخدمة مشروعه الوطني القائم على "استمرارية العرق الأبيض"، تغدو اللغة بما فيها من مصطلحات شائكة أول ساحة للتسلح والتجييش.
رأت روسيا في المثلية الجنسية كذبة يجب تجاوزها عن طريق مكافحتها بالمنع الكلي، وكذلك رأى اليمين الأوروبي أنّ المثلية هي بمثابة أيديولوجية مثلها مثل أي أيديولوجية دينيّة لا تشترك مع حضارة الفكر المسيحي وتفوقه. وفيما عمدت بعض الحركات اليمينيّة في أوروبا الى مناصرة حقوق المثليين، مقتنعة بدورها الإصلاحي، ناهضت حقوق المهاجرين واللاجئين في المقابل.
قد لا تكون الهوية الجنسيّة أمراً سياسياً، لكن يتم تسييسها اليوم بالذات لخدمة مصالح ديبلوماسية أو لإتخاذ موقف سياسي تجاه دولة ما. فالقرار الروسي بالمنع الاعلامي هو بمثابة "رهاب سياسي"، إذ اعتبرت روسيا أنّه لا يمكن تخطيه إلا من خلال تقييد حياة الآخرين وتقرير مصيرهم بما فيها هويتهم الجنسيّة. وليس غريباً على روسيا أن تضع يدها على حقوق "مجتمع الميم"، فقد يخال للبعض أن هذا الإعلان جاء متأخراً نظراً لإنتهاكات حقوق الانسان التي غالباً ما لا يتم الإقرار عنها.
وبالعودة الى التوقيت الذي نشر فيه، يمكن اعتبار أن هذا الموقف هو مجرد وسيلة للتعبير عن عدم الاكتراث في ظل الحرب في أوكرانيا، والانطلاق من مبدأ التفوق بحيث "كيفما ترى روسيا قناعاتها تسير". لكن يتعدى التأثير في الجانب الإعلامي على حقوق النشر والظهور والتعبير ويضع المنتمين لهذا المجتمع أمام ضغوطات وانتهاكات غير مبررة قد تصل الى سلب حقهم في التعلم والسكن. كما ويضعف هذا القمع الجنسي آليات التلاقي بين الأفراد من هذا المجتمع نظراً لتراجع هامش التعبير مما قد يؤثر لاحقاً على القدرة في رصد انتهاكات حقوق الانسان ومناصرة حقوق المثليين والأقليات الأخرى.
أمّا بالنسبة لأوروبا التي شهدت هذا العام مجموعة من الاعتداءات الداخلية ضد مجتمع الميم؛ كاعتداء أوسلو العنيف، وجريمة سلوفاكيا، والتظاهرات المضادة لمنع مسيرة الفخر في صربيا، فهذه الأحداث تقدم شرحاً حول العلاقة غير التوافقية بين القوانين والعنف المجتمعي.
فالخطاب الإعلامي العدائي تجاه مجتمع الميم والمسيطر لدى اليمين، بغض النظر عن وجوده في السلطة أو خارجها، يغذي بطريقة غير مباشرة العنف المجتمعي المعادي لحقوق هذه المجموعات. قالت ميلوني في إحدى تصريحاتها: "ما كان على حاله سيبقى على حاله"، في إشارة الى موقف إيطاليا القانوني لقبول الارتباط المثلي".
لكن رغم وجود قوانين تحمي حقوق المثليين في أوروبا، فان ظهور خطاب تهجمي ينكر هويتهم ويشيطنها، يبسط سلطة مجتمعية قد تحول دون أخذ هذه القوانين بجدية من قبل المواطنين المتطرفين، مما يرفع من حالات العنف وجرائم الكراهية.
بينّت دراسة لمركز pew أن بعض البلدان وخصوصاً أوروبا غدت أكثر تقبلًا للمثلية الجنسية بالمقارنة مع أعوام سابقة، لكن يخشى من الخطاب المتطرف أن يؤدي الى حوارات سياسيّة قد تفضي لاحقاً الى مراجعة قوانين داعمة لحقوق المثليين أو النقض بها، أو أن يصبح هذا الخطاب، الذي يكتسب قوته من الشرعية التي يستمدها من السياسيين والإعلاميين، خطاباً مهيمناً يستمد شرعيته من المجتمع.
ليس الأمر غريباً جداً عن الولايات المتحدة الأميركية التي شهدت منذ أيام قليلة اعتداء كولارادو في ولاية فلوريدا، لا سيما أنّ هذه الولاية أعلنت بكل جرأة عن رفضها للتربية الجنسية وخصوصاً المتعلقة بالمثليين، واعتبر أمين سر الشؤون الإعلامية فيها رون دي سانتوس، أنّ كل من يعارض هذا القرار هو "pedophile" ومشجع على الاعتداء الجنسي على الأطفال.
هذا الربط المضلل واللامنطقي بين المثلية الجنسية والبيدوفيليا الذي حفزته حملة "لا تقل أنك مثلي" لا ينسحب فقط على كراهية الأشخاص المثليين، بل يبرر العنف تجاههم نظراً للادعاء عليهم بأذية الأطفال الأبرياء، وبث أفكار مغلوطة حول هويتهم بوصفها مرضاً يتساوى مع جرم لا يمكن تصوره.
صحيح أنّ الرئيس الاميركي جو بايدن ظل حاملاً لراية المثليين في حملاته الانتخابية بوجه نظيره السابق دونالد ترامب حتى فوزه بالرئاسة، لكن لا يتوانى الاعلام الأميركي عن استغلال شاشاته لبث الكراهية تجاه مجتمع الميم مستفيداً من حرية التعبير التي لا تقيدها مبادئ مكافحة الكراهية على خلاف القوانين الأوروبية.
فقد خرجت المذيعة على قناة "فوكس نيوز"، لورا أنغراهم لتنتقد تحول المدارس الى دعاة للهوية الجندرية. وكذلك، خرج وثائقي للمقدم اليميني مات والش يسخر فيه من العابرين جنسياً. وللمفارقة أن أبرز الإعلانات الخاصة بالفيلم كانت على "فايسبوك" و"تويتر" رغم دعم هاتين المنصتين لحقوق مجتمع الميم.
مع تصاعد هذه النقاشات، ترتفع الدعوات الحقوقية للدول والأحزاب المتعارضة مطالبة اياها بالتوقف عن تسييس حقوق المثليين والمراشقة بها، وأنه عليها أن تتقنع وتعترف بأنّ هذا الحق هو حق انساني، لا يقيده عرق أو دين، ولا يمكن فرضه أو تقييده بقوة دولة ما لأن الحقوق مرجعها الانسان، والانسان يتمتع بحصانة تحمي كرامته من العبث.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top