2024- 05 - 07   |   بحث في الموقع  
logo لبنان يرحّب بموقف حماس.. والمستوطنون ينتقدون تسوية مع "الحزب" logo إذا فشلت مفاوضات غزة.. فالخوف الأعظم على لبنان logo توتر كبير على الجبهة الجنوبية.. إليكم التطورات logo اتفاق الهدنة:رحلة معقدة من 3 مراحل..معرضة للانتهاكات logo ميقاتي: موافقة حماس على وقف اطلاق النار خطوة متقدمة نحو وقف العدوان.. logo حصاد ″″: أهم وأبرز الاحداث ليوم الأثنين logo للضغط على حماس... مجلس الحرب الاسرائيلي يقرر بالإجماع استمرار العملية في رفح logo "خطوة متقدمة"... ميقاتي يُعلق على موافقة "حماس" وقف اطلاق النار بِغزة
الموت والمقبرة والنشيد الوطنيّ
2022-11-27 11:26:00

كان القرار صعباً، لكنّهم اتّخذوه بالإجماع.
انتصب الرجال بثيابهم الرياضيّة الحمراء استعداداً لمباراتهم الأولى ضدّ المنتخب الإنكليزيّ. وحين ضجّ الملعب الجميل بموسيقى نشيدهم الوطنيّ الجميل، بقيت أفواههم موصدةً كالكلس، ولم ينبثق من حناجرهم إلّا الصمت.
انقسمت آراؤنا حول قرارهم الصعب. بعضنا هلّل لهم، امتدح شجاعتهم، وخاف عليهم من طريق العودة إلى العاصمة الغارقة في ثورتها. وبعضنا شجب سلوكهم، واعتبر أنّ النشيد الوطنيّ يتخطّى بأهمّيّته أيّ نظام سياسيّ. فمهما كانت النقمة على الساسة عظيمة، يبقى الولاء للوطن، الذي يفصح عن ذاته في مثل هذه اللحظة التاريخيّة بترداد النشيد، أهمّ وأعظم بما لا يقاس.
لكنّ الذين انقسمت آراؤهم، كائنةً ما كانت آراؤهم، سرعان ما وجدوا أنفسهم يدورون في معضلة السؤال الكبير الذي يبتلع كلّ الأسئلة الأخرى، ويحوّلها إلى ركام: هل الوطن هو مجرّد فكرة الوطن؟ وما قيمة الوطن بلا ناسه، ومن دون الحرّيّة التي وحدها تستحقّ أن تكلّل جباه البشر وتغطّي شعور رؤوسهم؟ هل النشيد الوطنيّ أهمّ من وجع الناس، وأقوى من المنبسطات العطشى والقرى المقفرة على الرغم من الثروات التي تصطخب في بواطن الأرض؟ وأيّ ولاء هو هذا لبلد يُقتل أطفاله، ويُسحق رجاله، وتتحوّل نساؤه إلى بضاعة يقرّر الحاكم الذي يحكم باسم الدين التصرّف بها على هواه؟
كان القرار صعباً.
لكنّهم كانوا مقتنعين بأنّ القرار الصعب هو بحجم الشعب العظيم الذي يثور على ذاته، وعلى الظلم العظيم. وكانوا يدركون أنّه لا بدّ من تحويل النشيد إلى صمتٍ كي يصبح النشيد لائقاً بطيف مهسا أميني، الذي ما زال يتراكض بين القبور في كردستان الإيرانيّة، يتراكض ولا يقرّ، ولا يجد له حجراً يُسند إليه رأسه الهلاميّ.
انتصب الرجال بثيابهم الرياضيّة الحمراء، وقرّروا مقاطعة نشيدهم الوطنيّ. من بعيد، لاح لهم طيف مهسا وأطياف كلّ الأطفال والمراهقين الذين قضوا برصاص العسس. ولاحت لهم عيون النساء اللواتي زجّ بهنّ الطاغية في مربّعات الزنزانات الرماديّة وأرسل عتاريسه لاغتصابهنّ. ولاحت لهم أطياف كلّ الذين تحايلوا بالموت على سقوط الحرّيّة المدوّي من موريتانيا إلى أفغانستان.
مادت أرض الملعب بصمتهم، وصفّق لهم الناس. لكنّهم خسروا المباراة. وكالعادة منذ أيّام جدّنا آدم، ثمّة من ألقى باللائمة على أعداء الوطن، أولئك الذين ضحكوا على الأطفال كي يثوروا على الذلّ والجوع باسم الخبز والشمس، وابتاعوا عقول النساء الخفيفات العقول بحفنة من الدراهم. لكنّ الصمت في تلك اللحظة كان شجرةً تبسق بسوق المارد وتتكّئ على الريح. وكان طيف مهسا أميني يخلد إلى شيء من الراحة في متاهة تلك المقبرة التي اكتظّت بالموت، وباتت لا تتّسع لجثث جديدة…



وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top