2024- 05 - 04   |   بحث في الموقع  
logo "يونيسكو" تمنح جائزة حرية الصحافة للصحافيين في غزة logo تلويح بمقاطعة امتحانات "الثانوي": ارتكابات إدارية توقف تمويل المستحقات logo الحبتور: مجموعتنا تتكفّل بعلاج ضحايا أطفال عصابة “التيك توك” logo استجاب لمطالب الفرق المشاركة.. “يويفا” يعلن زيادة عدد اللاعبين في يورو 2024 logo أكثر لاعب أناني رأيته في حياتي.. نجم ليفربول السابق يشن هجوما على محمد صلاح logo “ألعاب نارية” تكلف مشجعي فريق فرنسي مليون يورو.. إليكم السبب logo سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود إسرائيليين بغزة (فيديو) logo "تهديدات لا معنى لها"... وحزب الله "لن يفعلها"!
كرة الأمل والوهم
2022-11-30 10:56:00

تفور المشاعر القومية العابرة للحدود، مع كل مباراة لفريق عربي في المونديال، وتتعزز تلك الفورة بكل فوز كبير وغير متوقع لواحد من فرقنا. تكرار الانتصارات من السعودية إلى المغرب، يجعل منها علامة على شيء أكبر من مجرد ضربات الحظ، شيء ما مشترك وواعد بشكل لا يحتاج إلى تفسير، لأنه أقرب إلى السحر. الاستضافة العربية والحضور الجماهيري الكثيف من دول عربية يضاعف هذا كله ويجعله أكثر ظهوراً في المدرجات والشاشات.تتلخص تلك الحميّة سياسياً في مشاهد أعلام فلسطين وأوشحتها، فيما على الجانب الآخر، تشكو وسائل الإعلام الإسرائيلية من مهانة نبذها من الجمهور الناطق بالعربية. وبقدر ما يجلب هذا أسباباً للبهجة، فإنه يدعونا للتشكك. فبعيداً من الرمزي، ألا تبدو خريطة الواقع السياسي الحزين، صورة معكوسة لتلك الفرحة العربية العارمة في مدرجات الكرة؟ ألا يشوه ذلك المهرجان الكروي عالم الحقيقة أمام عيوننا، ويغمرنا في فورة من أوهام الانتصار والتضامن الذي لا يتعدى محيط المدرجات؟ أو لعله سيخبو بعد هزيمة لاحقة فننسى كل شيء؟ وفي المحصلة النهائية، ألا تخفي الرياضة وراء أضوائها ونشوتها المخدرة قسوة الأوضاع المعاشة لجمهورها؟مع كل مناسبة رياضية كبرى، يعود النقد ذاته لمراوحة مكانه المعتاد، الطبيعة الرأسمالية للرياضة وعولمتها ليست خافية على أحد، ما بين تسليع الفرجة والتطبيع مع منطق المنافسة وإخضاع الأجساد، تردم المسافة بين عالم الترفيه وعالم العمل. ففي سوق يحكمه الاحتراف، وبالأخص في حالة كرة القدم، يُجرّد اللعب من ميزته الوحيدة، أي كونه خارج دائرة الضرورة، ومن ثم يدجن داخل منظومة من الجداول ومعدلات الإحراز وصفقات البيع والشراء والإعارة على خلفية من إحصاءات المشاهدات التلفزيونية وعقود الرعاية والتسوق. ببساطة يصبح اللعب نفسه خط إنتاج في مصانع اللذة، فلا ينجو شيء من شهوة تحقيق الربح ومراكمته. لكن هذا ليس كل شيء، فالأمر لا يتوقف عند إفساد رأس المال للرياضة. يقول لنا المتسلحون بنظرية إعادة الإنتاج، إن الرياضة مثلها مثل كل ظاهرة ثقافية، تعيد إنتاج المنظومة التي تنشأ داخلها. هكذا في عالم وضع في شر الرأسمالية، لا تقوم لعبة مثل كرة القدم سوى بإعادة إنتاج الشروط ذاتها، والاستغلال أولها. بهذا المنطق، لا أمل في إصلاحها. فالرياضة هي نفسها الرأسمالية وهي الشوفينية والمُثُل الذكورية. هنا تأتي نظرية الوعي الزائف لتخبرنا بأن الرياضة في مراوغتها، بادعاء براءتها السياسية، تكون أكثر فاعلية في إبقاء الوضع القائم على ما هو عليه بطرق ملتوية، فهي تمنحنا انتصارات متوَهّمة تجعل الواقع محتملاً وممكناً وباقياً.ولعل هذا كله صحيح، لكن إن كانت الرياضة أفيون الشعوب، فهي قد تكون، مثلما يقول ماركس نفسه عن الدين "زفرة الإنسان المثقل بالألم، وروحاً في عالم لم تبق فيه روح"، وهي "تعبير عن البؤس الواقعي والاحتجاج على هذا البؤس الواقعي في آن". لا شيء خيراً في الرياضة بطبيعتها ولا شيء شريراً فيها أيضاً. أما جمهور الكرة الذي ينتهز ومضة من الفرح وسط الحزن المديد، فليس مُغيباً كما يحلو للبعض تصويره. في الأمل، كل أمل، بعض من إنكار الواقع وتجاوزه، وكذا السياسي لا يأتي مفاعيله سوى على أساس من الرمزي والإحالة إليه. صحيح أن الأنظمة لطالما وظفت الرياضة لخدمتها، لكننا نعرف يقيناً أن المدرجات، وعلى غير المتوقع، كانت متاريس ضد القمع، وجمهورها هو الأكثر تنظيماً في معارك الشوارع في انتفاضات الربيع العربي الفائتة. هؤلاء الذين يرفعون أعلام فريق عربي آخر، أو يضعون الأوشحة الفلسطينية على أكتافهم، لا ينكرون الواقع بالضرورة، بل يقرون به، يذكروننا ويذكرون أنفسهم بأن الأنظمة غير الشعوب، وأن قليلاً من الأمل يمكن اقتناصه من قلب الوهم.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top