غرقت طهران في صمت مطبق ليل الثلاثاء حزناً على خسارة المنتخب الوطني الإيراني في كرة القدم أمام نظيره الأميركي، في هزيمة أقصت الإيرانيين من مونديال قطر وتبخّر معها حلمهم بتكرار إنجاز 1998 حين فاز "تيم ملّي" على منتخب "الشيطان الأكبر"، ووصفت صحف ايرانية المباراة الأخيرة بأنها "هزيمة تاريخية".
وخلافاً للأجواء الاحتفالية التي شهدتها طهران، الجمعة، عندما راح الإيرانيون يرقصون حاملين أطفالهم على أكتافهم وهم يلوّحون بالأعلام احتفالاً بفوز منتخبهم على ويلز، فإنّ الصوت الوحيد الذي دوّى في العاصمة ليل الثلاثاء كان وقع الهزيمة أمام الولايات المتّحدة بهدف وحيد.
ولمنع أيّ تظاهرات مناهضة للسلطات، انتشرت في طهران أعداد كبيرة من عناصر الشرطة، بعضهم بالزيّ العسكري والبعض الآخر بالزيّ المدني، وتركّز وجود هذه العناصر على التقاطعات المرورية الأساسية والشوارع الرئيسية التي جابتها أيضاً دراجات نارية تابعة لوحدات مكافحة الشغب.
وانتشرت مظاهر احتفالية داخل ايران، بهزيمة المنتخب الايراني، حسبما ذكرت قناة "ايران انترناشيونال" المعارضة، التي قالت في تقرير إن مواطنين في مختلف مدن إيران أعربوا عن فرحتهم بهذه الهزيمة. وقالت إن ايرانيين أطلقوا أبواق سياراتهم وهتافات وألعاباً نارية في الهواء، إذ يعتبرون هذا الفريق ممثلاً للنظام وليس الشعب الإيراني. وفي بعض المدن، أقيمت تجمعات كبيرة في الشوارع، بما في ذلك جوانرود، ومهاباد، وسنندج حيث احتفل المواطنون بهذا الحدث بالرقص الكردي.
وتحدث الموقع المعارض نفسه عن أن الشاب مهران سماك (27 عاماً) قُتل مساء الثلاثاء 29 نوفمبر (تشرين الثاني) في أنزلي، شمالي إيران، برصاصة مباشرة في رأسه من قبل قوات الأمن، حيث كان هو وخطيبته يطلقان بوق السيارة فرحاً بخسارة منتخب إيران أمام أميركا.
وتشهد الجمهورية الإسلامية احتجاجات غير مسبوقة اندلعت في 16 أيلول/سبتمبر حين توفيت الشابة الكردية مهسا أميني (22 عاما) بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران لانتهاكها قواعد اللباس الصارمة. والثلاثاء، أعلنت السلطات للمرة الأولى منذ بدء هذه الاحتجاجات مقتل أكثر من 300 شخص خلال هذه الاضطرابات التي تعتبرها الحكومة "أعمال شغب" يحرض عليها الغرب.
وفي دار ثقافي في شمال طهران، تجمّعت قرابة عشرين أسرة أمام شاشة تلفزيون كبيرة لمتابعة المباراة. ومع انطلاق النزال راح الأطفال يلوّحون بأعلام بلدهم ويصيحون بأعلى صوتهم "ماذا ستفعل إيران؟ ستمزّق خصمها!"، و"هيا! هيا! إلى الأمام".
لكنّ هدف الولايات المتّحدة في الدقيقة 38 أضعف الروح المعنوية لهؤلاء المشجّعين، على الرّغم من أنّ قسماً كبيراً منهم كان لا يزال يتمسّك بالأمل في أن ينقلب الحظ العاثر.