مع بداية 2023، عاد الحديث عن عودة مرتقبة لأعداد جديدة من العائلات النازحة إلى مدينة معرة النعمان الخاضعة لسيطرة النظام السوري في ريف إدلب الشرقي، بعدما فشل الأخير في إعادة الحياة إلى المدينة التي أعلن فتح أبوابها أمام عودة النازحين خلال الربع الأخير من 2022، وذلك لعدة أسباب، أهمها الدمار الواسع الذي حل بالمدينة، وخروج القسم الأكبر من مرافقها الخدمية والحيوية عن الخدمة، والحاجة لمبالغ وامكانات ضخمة لإعادة تأهيلها وترميمها.
وزار المعرة قبل يومين، رئيس مركز المصالحة الروسية في حلب سيرغي فلاديميرفتش يوسنن، والتقى عدداً من القادة في قوات النظام والفيلق الخامس، والفرقة 25 مهام خاصة (قوات النمر) التي لا تزال تحتفظ بمواقعها وانتشارها داخل أحياء المدينة وفي محيطها القريب، وتفقد الجنرال الروسي عمليات ترميم بعض المباني الإدارية والمؤسسات الخدمية في المدينة، ومن ثم توجه إلى مدينة خان شيخون جنوب إدلب ليلتقي فيها بمحافظ إدلب.
وقال مصدر محلي في ريف إدلب الشرقي ل"المدن"، إن "مسؤولي محافظة إدلب كانوا ينتظرون دعماً روسيا لترميم المؤسسات الخدمية، كالمجلس البلدي ومباني مؤسسات الكهرباء والمياه وإزالة الأنقاض من وسط المدينة (السوق والأحياء القديمة)، وإفراع المدينة من الوجود العسكري، ولكن الزيارة كانت مخيبة للآمال، ويبدو أن الهدف منها دعائي، وتتزامن مع تحضيرات المعارضة لافتتاح معبر عون الدادات الذي سيضمن مروراً سلساً للأهالي".
وأضاف المصدر أن "العائلات النازحة التي عادت إلى المعرة أواخر 2022، تعيش معاناة حقيقية بسبب غياب الخدمات الأساسية وصعوبة ترميم منازلهم المدمرة والفوضى الأمنية وانتهاكات عناصر المليشيات، كما أن مجلس المحافظة عجز عن الوفاء بوعوده فيما يخص إعادة تأهيل شبكات مياه الشرب والكهرباء والأفران والخدمات البلدية، وهذا ما دفع عدداً من العائلات العائدة للنزوح مجدداً".
وأوضح المصدر أنه "من المتوقع أن يبدأ مجلس محافظة إدلب أوائل شباط/فبراير، محاولة جديدة لإعادة الحياة إلى المعرة، بعدما قسّم مهام الترميم الجزئي في بعض مباني المؤسسات الإدارية والخدمية على زعماء العشائر الموالين للنظام، وقادة في المليشيات المحلية"، مشيراً إلى أن الشيخ أحمد درويش المبارك، شيخ عشيرة بني عز العربية وزعيم مليشيا الدرويش التابعة لقوات النمر، سيتولى ترميم مبنى مجلس بلدية معرة النعمان.
كما كلف المحافظ، الشيخ أحمد جميل عقرين بدفع مليون ليرة سورية لكل عائلة نازحة تصل إلى مدينة معرة النعمان. وعقرين هو عضو في مجلس الشعب، وشيخ عشيرة النعيم في إدلب، وأحد الداعمين للمليشيات العشائرية التي قاتلت في صفوف قوات النمر خلال السنوات الماضية. كما تعهد محمد عبودي حاج قدور بإعادة تأهيل طابق واحد في مبنى شعبة حزب البعث وسط مدينة المعرة.
وكان أحمد غافقي الأبرش، ترحيل الأنقاض حول منازل العائدين وفتح الطرق المؤدية إليها. والأبرش هو عضو في مجلس محافظة إدلب، وكان قائداً لمليشيا محلية ضمت في صفوفها مقاتلين موالين للنظام من معرة النعمان. فيما تعهد الشيخ ناصر النعسان بتقديم مدفأة لكل عائلة تعود إلى المدينة، بالإضافة إلى مشاركة وجهاء وزعماء عشائر آخرين بينهم حسن فايز النوري، شيخ عشيرة الدولة، واللواء المتقاعد وشيخ عشيرة المعاطة الحديديين، جمعة الجاسم. وجميع الأسماء التي ورد ذكرها، هم الأكثر استفادة من استثمارات أراضي المهجرين في مناطق جنوب وشرق إدلب، ويعمل معظمهم في التهريب وتجارة المخدرات.