دمشق - هدى العبود

بعد محاولات جادة من قبل شركة الإنتاج المتمثلة بمالكها محمد قبنض والمخرج المخضرم منال عمران يعود الفنان نزار أبو حجر ليحيي شخصية «أبو غالب» المثيرة للجدل من خلال مسلسل «باب الحارة» بجزئه الـ 13، كاشفا لـ «الأنباء» بأن سبب غيابه عن المعمل كان عدم تطوير شخصيته من خلال الجزء الثالث عندما طلب من صاحب شركة «ميسلون» المخرج والفنان بسام الملا تطوير الشخصية، بألا يعود لبيع البليلة مستبدلا إياها بشخصية كان قد أداها الفنان مصطفى الخاني (بخ البق)، وفعلا طوروا الشخصية في الشكل لكن لم تتطور بالمضمون، فرفض وتم استخدام الشخصية تحت مسمى «النمس».

وتابع أبو حجر: كما طلبت الزواج من «سعاد خانم» وقوبل طلبي بالرفض من قبل المخرج الملا، ونظرا لأهمية مسلسل «باب الحارة» وشخصية «أبو غالب» اقترحت أن أبيع لحم الحمير لأهل الحارة وعند استشارة الفنان عباس النوري للمخرج بسام الملا رفض الاقتراح كذلك.

وأضاف: بعد انتقال العمل لصالح شركة «قنبض» بقي الخلاف مستمرا من حيث النص من قبلي، ولم تلب رغبتي بأداء الشخصية التي كتبت لي، وأثناء الاجتماع مع المخرج وصاحب الشركة اقترحت عليهم أن أكتب شخصية «أبو غالب» وان تكون فكرتي وبقالب جديد، وتم طرحها على صناع العمل فوافقوا وتبنوها وحولوها لحدث درامي يبرر عودة الشخصية.

وعن دوره، قال أبو حجر لـ «الأنباء»: سيتفاجأ الجمهور بالدور والسبب زواجي من فتاة لا تتجاوز 19 عاما، ومن خلال هذا الزواج أحرك احداث العمل، وما سأجسده سيؤثر في بعض الشخصيات الرئيسية، علما ان تطور الشخصية أعطت بعدا إنسانيا، إلا أن «أبو غالب» لا يتخلى عن صبغته الفتنوية بين الحارات الدمشقية العتيقة، ومازال يبيع البليلة التي تغنى فيها بأجمل الكلمات متحدثا عن ظلمها، مطورا معانيها مع الشخصية التي تطورت بشكل كامل.

وأردف: برأي كفنان فإن الجزء الـ 13 هو الأقوى من بين أجزاء سلسلة «باب الحارة» الشهير بالنسبة لشخصيتي المثيرة للجدل، وأقول الأقوى لان «باب الحارة» فقد قيمته من حيث التكرار وميله للصبغة التجارية أكثر منه للبيئة الشامية، والهدف لم يبق منه تأصيل هذه البيئة، بل ذهب صانعوه الى العالم المادي، وعندما انتقلت سلسلة «باب الحارة» من شركة «ميسلون الفنية» إلى شركة «قبنض» لصاحبها محمد قبنض كانت رؤيته ان يجعل من «باب الحارة» عملا قويا، لكنه اختار مخرجا لم يتبن وجهات نظر الشركة المنتجة، علما ان شركة الإنتاج تمنت عودة شخصيات «باب الحارة» الذين كانوا وراء نجاح هذه البيئة وسعى بكل قوته لتحقيق ذلك.

وردا على سؤال لـ «الأنباء» بأن المسلسلات السورية تحتضر؟ وان هناك مسلسلات أساءت لتلك الدراما؟، قال أبو حجر: بداية لن أسمي من وصف هذه الدراما التي احتلت الصدارة لسنوات طويلة على فضائيات الوطن العربي، ومنها ترجم للغات أجنبية، لكن بالنسبة لسلسلة «باب الحارة» الشهيرة فقد ترجمت لعدة لغات أجنبية، وشوهدت بالأميركتين والخليج العربي، ونالت قسطا كبيرا من الإعجاب بأجزائها الثلاثة الأولى، كما حصدت أعلى مشاهدة عالمية وكرم نجومها، ولمن يتهم سلسلة «باب الحارة» بأنها كانت وراء تشويه معالم دمشق أقول «بدأ تشويه بيئة دمشق من قبل الدمشقيين أنفسهم عندما تخلوا عن تراثهم الذي تجلى ببيع بيوتهم الأثرية التي تدل على عمق فكري وثقافي وقيمة إنسانية كبيرة من حيث الهندسة المعمارية المدروسة بأدق تفاصيلها الجمالية المنقطعة النظير واستبدلوها ببيوت الاسمنت الطابقية على شكل علب الكبريت، وحجتهم انهم تعبوا من السكن بالبيوت العربية، وأرادوا ان يلتحقوا بالحضارة الاسمنتية من طوابق وأعطيت هذه البيوت لأهالي ريف دمشق»، وهذا الكلام يدركه من وصف «باب الحارة» بأنه شوه تاريخ بيئة دمشق.

وأضاف: عندما جاء «باب الحارة» قدم البيت الدمشقي على حقيقته، ومن يعلن ان المرأة الدمشقية لم تكن تنادي زوجها بعبارة «ابن عمي»، أقول له «المرأة الدمشقية تنادي زوجها بهذه الكلمة وهذه حقيقة».

واستعرض أبو حجر بعضا من تاريخ نفوس أهل دمشق ضاربا مثلا بأن قيود حي القيميرية الدمشقي العتيق مسجلة بحي المهاجرين، حيث علب الكبريت الاسمنتية، وأهالي سوق ساروجة بحي أبو رمانة الشهير، وأكتفي بذلك لتبيان حقيقة الإرث التاريخي للبيئة الشامية، ومن شوه ومن حافظ على تلك البيئة الثرية والغنية هي المسلسلات التي تصور بتلك البيوت الأثرية القديمة الجميلة، تقدم الحقيقة سواء من خلال «باب الحارة» أو «الخوالي» أو «ليالي الصالحية» والقائمة تطول.

وعن أعماله بالأردن، رد: أيام قليلة وسأنتهي من تصوير مسلسل «باب الحارة» وبعدها سأتوجه الى المملكة الأردنية الهاشمية لتصوير اسكتشات كوميدية ساخرة ناقدة ستعرض بعمان على مدى ثلاثين يوما خلال شهر رمضان المبارك على محطة «تي ڤي» مع السيد ضافي عبداللات والمخرج محمد نصر الله، وهي عبارة عن حلقات درامية منها الناقدة ومنها الكوميدية تختص بالبيئة العربية والاردنية.

وتابع أبو حجر: احدى الحلقات تحكي قصة المهاجرين العرب الى أوروبا والصعوبات التي تتعرض لها الأسر من حيث العادات والتقاليد، فالأب يجد صعوبة بالتأقلم بينما باقي أفراد الأسرة من جيل الشباب يتأقلمون ويعودوا بتلك العادات للمنزل تشاطرهم الأم بأن الواقع هنا غير عن واقعنا ببلداننا العربية، وتقنع الأب، وتمر الأيام ويتماهى الأب ويصبح كأبنائه متأقلما ويأتي مصطحبا معه فتاتين للبيت، واسم اللوحة «حرية شخصية» وانا سأكون بطل جميع الاسكتشات.

وأكمل: اللوحة الثانية تدور فكرتها حول تاجر يدعى «أبو باسم» يتزوج وينجب ولدين والأسرة تعيش حياة مرفهة وطلبات الأولاد مجابة، تركيزنا هنا على الابن الذي يتزوج نادلة بمطعم دون موافقة الأسرة، وتمر الأيام ويتنكر الابن للأب الذي عمل على تحقيق جميع متطلبات الحياة لأسرته وخاصة ابنه، لكن ابنته كانت فتاة واعية، حملت والدها على كبره وعوزه، والمقصود هنا ان «كل بنت بتسوى ألف شاب»، هذه القصص منتقاة بدقة من خلال مجموعة من الكتاب السوريين هدفهم التوعية الاسرية، وهذا المشروع طويل الأمد ولن يتوقف عند ثلاثين حلقة، وسيعرض على جميع المنصات بإدارة وإنتاج الأستاذ فراس الجاجة وحاليا نصور كل اللوحات بدمشق.

يذكر ان الفنان نزار أبو حجر أثرى الدراما السورية وخاصة مسلسل «باب الحارة» عام 2006 وفيلم «الكرسي» عام 2002 وكان أشهر أدواره في «باب الحارة» الأجزاء الأول والثاني والثالث بدور «أبو غالب»، واشتهر بجملته التي يقول فيها «بليلا بلبلوكي» و«يا عزيز ألف ليرة إنجليز» و«يا ودود انتقم من كل عدو لدود» و«يا عزيز أهفي كل واحد غليظ»، وقد نال إعجاب الكثير من الجماهير لهذا الدور، وقدم العديد من الأعمال الفنية، أبرزها «هومي هون، عشنا وشفنا، عش المجانين، قوس قزح، الخيط الأبيض، صلاح الدين الأيوبي، الزير سالم، أبناء القهر، جنون العصر، جريمة بلا نهاية، حكايا وخفايا، بقعة ضوء»، وكانت انطلاقته الأولى من خلال فيلم «الليل» عندما اختاره المخرج محمد ملص، ويعتبر أول أعماله. ويعد أبو حجر من أهم فناني النهضة السورية وأبرزهم.