2024- 04 - 19   |   بحث في الموقع  
logo حصاد ″″: أهم وأبرز الاحداث ليوم الجمعة logo ليبرمان يتحدث عن "خطة" نتنياهو للتهرب من تحمل مسؤولية "طوفان الأقصى"! logo بعد هجوم أصفهان.. هل نجت إيران من كارثة؟ logo مارون مُعلّقاً على كلام جعجع: "الأولى بالحكيم تنظيف بيته الداخلي" logo عملية جديدة لحزب الله logo مقدمات نشرات الاخبار logo بين إيران وإسرائيل... رسالة وضربة "لم تتجاوز حدود اللعبة"! logo أمام المحكمة التي يمثل فيها ترمب... رجل يضرم النار في جسده!
زلازل لشبونة وبازل وكانتو.. فلاسفة ورهاب سياسي ومليشيات قتل
2023-02-08 12:27:16

على هامش الزلزال المدمّر الذي وقع في جنوب تركيا وشمال سوريا، نستعيد هنا تاريخ زلازل أخرى حصلت في مدن بازل السويسرية ولشبونة البرتغالية وكانتو اليابانية، وكان لها أثرها في الفلسفة والفكر في أوروبا والعالم.جرى ذلك يوم 18 تشرين الأول/أكتوبر1356، في مدينة بازل السويسرية، يقع في هذا التاريخ يوم القديس لوقا، وكان يوم خريفي جميل يوشك على الانتهاء، حين بدأت الأرض بالإهتزاز في بازل والقرى المجاورة لها. كانت الساعة تشير إلى الرابعة مساءً، واستعجل الناس مغادرة منازلهم في حالة من الذعر.استمرت الهزّات المقلقة حتى المساء، وحتى بعد حلول الظلام. في منتصف الليل حدث اهتزاز آخر أيقظ الجميع. كان الزلزال قوياً وشديداً بشكل لا يصدق، وهو يضرب المدينة والمنطقة للمرة الأولى. مع تعاظم قوة الزلزال، صارت صرخات الناس تُسمع من كل مكان. انهارت المنازل وأسوار المدينة، ولم ينجُ أي مبنى حجري من التدمير الجزئي أو الكلي. انهارت كاتدرائية المدينة جزئياً، كما البوابة الغربية، والأجزاء العلوية من الصحن، وأبراج الجوقة، وكل شيء في الأسفل. كما اندلع حريق ليس في الإمكان السيطرة عليه، وامتدّ إلى الكاتدرائية، ثم إشتعل برج الجرس الكبير. في الوقت نفسه، اشتعلت النيران في المنازل نصف الخشبية، بعدما "قاومت ببسالة". اكتملت الكارثة مع تسرّب مياه النهر الذي يخترق المدينة إلى الأقبية التي كانت تُحفظ فيها المؤن، بعدما عرقلت الأبنية المدمّره مجراه الطبيعي، ما أدّى إلى تلف الحبوب والخضراوات والفواكه والنبيذ المخزّنة في المكان. استطاع بعض السكان الفرار، واستقروا في أكواخ مؤقتة في الحقول، وهم مذعورون ولم تصدّق عيونهم ما حدث.مدينة بكاملها تحوّلت إلى أنقاض. ترك زلزال بازل انطباعًا لا يُمحى في أذهان سكان مناطق أعالي الراين. واعتبر العلماء العام 1356، أحد أقوى الزلازل المسجّلة شمال جبال الألب، ومن أهم الحوادث التي تعرّضت لها أوروبا الوسطى، وما زالت آثار الكارثة ظاهرة حتى اليوم، نتيجة هذا الحدث الاستثنائي والمدمّر. والأنكى، كان ما يسمى "الطاعون الأسود" قد ضرب البلاد منذ العام 1348، وتسبب في وفاة ربع سكان بازل. جرى ذلك كلّه خلال ما سُمي حرب المئة عام المروّعة التي عصفت بأوروبا، وترددت أصداؤها في معظم أنحائها. وفي تلك الفترة التاريخية وقع زلزال "سانت لوك" الشهير المذكور( Seisme de la Saint- Luc)، والذي سيبقى أهم مأساة في تاريخ المدينة.زلزال لشبونةوقع زلزال 1755 في لشبونة بالبرتغال في 1 نوفمبر 1755 الساعة 9:40 صباحًا. وتشاء المصادفة الغريبة أن يقع هذا الزلزال أيضاً في فصل الخريف، صباح يوم يُعتبر مناسبة دينية ذات أهمية هو عيد جميع القديسين الكاثوليكيين، الواقع فيه 1 تشرين الثاني. المصادر تشير إلى أن ثلاث هزات منفصلة حدثت على مدى حوالى عشر دقائق، ما تسبب في شقوق كبيرة في الشوارع (تصل إلى نحو خمسة أمتار) ودمار في المدينة. اندفع الناجون نحو المنطقة المفتوحة، والتي يُفترض أنها آمنة، وهي التي تشكل أرصفة الميناء، ليشهدوا هناك مدًا للبحر لم يروا مثيلاً له من قبل، مما أدّى إلى تحطّم السفن العالقة وبعثرة بضائعها. بعد عشرات من الدقائق من وقوع الزلزال، حدث تسونامي ضخم بموجات من خمسة إلى خمسة عشر متراً، فغمر الميناء ووسط المدينة الواقع على نهر تاجوس، ثم تبعته موجتان جديدتان. وقد تضررت المناطق التي نجت من كارثة التسونامي من الحرائق، فتساقطت المداخن، واندلعت النيران لمدة خمسة أيام، لتدمّر لشبونة بالكامل تقريباً.نجت العائلة المالكة من الكارثة وخرجت سالمة. كان الملك جوزيف الأول وحاشيته غائبين عن المدينة بعد حضور قداس عند شروق الشمس، تبعاً لرغبة إحدى بنات الملك، التي أرادت قضاء إجازة خارج العاصمة. بعد حدوث الكارثة، طوّر الملك جوزيف خوفًا لا يمكن السيطرة عليه إزاء العيش داخل الجدران، واستقرت مقار الحكم، بحسب مشيئته، في مجمع ضخم من الخيام والأجنحة في تلال أجودا، وما زال بعض آثارها حاضراً في ضواحي لشبونة. لكن رهاب الملك من الأماكن المغلقة لم يهدأ أبدًا، ولم تبدأ ابنته ماريا الأولى في بناء القصر الملكي الحالي لأجودا في الموقع السابق للخيام إلا بعد وفاته.وبحسب المصادر، أوقع الزلزال ما بين 50 ألف و70 ألف ضحية من بين 275 ألف نسمة من سكان لشبونة. وإذا أضفنا إلى هؤلاء، الضحايا غير المباشرين لهذا الزلزال، فإن عدد القتلى قد يتجاوز المئة ألف ضحية. ونظرًا لعدم تسجيل هذا الزلزال باستخدام أجهزة قياس الزلازل، فقد تم حساب حجمه ومركزه بشكل غير مباشر، اعتمادًا على السياق الجيولوجي وتوزع الدمار. لكن علماء الزلازل يقدرون قوته ما بين 8.5 و 9.5 على مقياس ريختر.هذا، وما زال المركز المحدد للزلزال موضع نزاع، لكنه، على الأرجح، كان يقع في المحيط الأطلسي، على بعد حوالي 200 كيلومتر جنوب غربي كيب سانت فنسنت. ووفقًا لدراسات علم الأحياء القديمة، فإن وقت تكرار مثل هذا الزلزال يتراوح من 1500 إلى 2000 عام. زادت هذه الكارثة من التوترات السياسية في البرتغال، وأدت إلى اضطراب عميق في الطموحات الاستعمارية للبلاد في القرن الثامن عشر. نوقش هذا الحدث على نطاق واسع من قبل الفلاسفة الأوروبيين، وألهم العديد من التأملات حول موضوع الثيودسي théodicée أو السامي sublime. وإذ كان للزلزال تأثير قوي في العديد من المفكرين الأوروبيين في عصر التنوير، فقد ذكر العديد منهم، أو ألمح، إلى هذا الحدث في كتاباتهم، ولا سيما فولتير في كتابه كانديد (الفصلين 5 و6) أو في قصيدته عن كارثة لشبونة. أشار فولتير إلى الشكل الإعتباطي لموت الناس، أو نجاتهم، في نقده "أفضل العوالم الممكنة" الذي واجه به لايبنيز. وقد كتب تيودور أدورنو، العام 1966: "زلزال لشبونة كان كافياً لعلاج فولتير من ثيودسي لايبنيز". كما حدث جدل عنيف حينذاك بين فولتير وروسو حول موضوع التفاؤل، ومسألة الشر على الأرض، وهو موضوع أثار العديد من الناقشات بين اللاهوتيين والفلاسفة والعلماء في القرن الثامن عشر. شبّه كتّاب القرن العشرين الآخرون، بعد أدورنو، هذه الكارثة بالهولوكوست، من حيث أن الحدثَين كان لهما تأثير مدمّر بما يكفي لتحويل الثقافة والفلسفة الأوروبية.أما المفهوم الفلسفي لـ"السامي" sublime، وعلى الرغم من ظهوره قبل العام 1755، فقد تم تطويره وتقديره بقوة من قبل إيمانويل كانط، الذي حاول فهم كل الآثار المترتبة على زلزال لشبونة. قام كانط الشاب، الذي كان مفتونًا بالكارثة، بجمع كل المعلومات المتاحة له، واستخدمها في صياغة نظرية حول سبب الزلازل في ثلاثة نصوص متتالية. تم رفض نظريته، التي استندت إلى حركة الكهوف العملاقة تحت الأرض المليئة بالغازات الساخنة من قبل العلم الحديث، لكنها مع ذلك تمثل المحاولة الأولى لشرح طبيعة الزلزال وأسبابها من خلال عوامل طبيعية، وليست خارقة للطبيعة. ووفقًا لما قاله والتر بنجامين، فإن كتاب كانط الصغير عن الزلازل "ربما يمثل بدايات الجغرافيا العلمية في ألمانيا، وبالتأكيد يمثل بدايات علم الزلازل". حتى أن فيرنر هاماتشر، الفيلسوف والمترجم الألماني، جادل بأن الزلزال كان له تأثير في المفردات الفلسفية، ما أضعف الاستعارة التقليدية لـ"أساس" النظريات: "تحت تأثير زلزال لشبونة، الذي لامس العقل الأوروبي في أكثر الأوقات حساسية، فقدت الإستعارات براءتها الظاهرة تمامًا، فهي لم تعد مجرد شكل للأسلوب". وقد أكّد هاماتشر أن الحقائق الراسخة لرينيه ديكارت بدأت تتزعزع في أعقاب الزلزال المذكور.وفي ما يختص بالحياة السياسية الداخلية للبرتغال، كان الزلزال مدمرًا أيضاً. كان رئيس وزراء الملك حينذاك من أصحاب الإمتيازات الواضحة، لكن الطبقة الأرستقراطية احتقرته بسبب أصوله الريفية البسيطة (لم يُمنح لقب ماركيز دي بومبال إلا في العام 1770). وبدوره، كره رئيس الوزراء النبلاء المحليين الذين اعتبرهم فاسدين، وغير قادرين على القيام بأي عمل. قبل 1 نوفمبر/تشرين الثاني 1755، كان الصراع على السلطة قائماً، لكن مصالح الملك لم تُمس، إلا أن المهارة الكبيرة جدًا التي أظهرها الماركيز بعد الكارثة كان لها أثر في عزل الفصائل الأرستقراطية القديمة عن السلطة. بدأت حينها معارضة صامتة وغاضبة تتشكل ضد الملك جوزيف الأول، وبلغت ذروتها في محاولة اغتياله. تلت ذلك عملية إبعاد دوق أفيرو وعائلة تافورا، إثر الفضيحة السياسية القضائية التي وقعت بين ديسمبر 1758 ويناير 1759، والتي أدت، بعد محاولة اغتيال الملك جوزيف الأول، إلى إعدام ممثلي العديد من العائلات النبيلة البرتغالية بتهمة الخيانة العظمى، بما في ذلك أفراد من عائلة تافورا.زلزال كانتو في اليابانوإذا كان زلزال لشبونة قد اختار اليوم الأول من نوفمبر/تشرين الثاني كي يفعل فعلته، فإن الزلزال الذي إجتاح سهل كانتو Kantō في اليابان، الذي يقع في هونشو، الجزيرة اليايانية الرئيسية، وسُمي بإسم زلزال كانتو، كان قام بعمله المدمّر في اليوم الأول من شهر أيلول 1923. مصادفة أخرى غريبة. ومع تطور اجهزة الرصد، قُدرت قوة الزلزال، العام 1977، بـ7.9 درجات على مقياس ريختر. أدّى الزلزال إلى إلحاق الضرر بمدن يابانية عديدة مثل يوكوهاما وكاناغوا وشيزيوكا.من الناحية الجيولوجية، تُعتبر المنطقة المذكورة ذات تكوين معقّد، إذ تتألف من أربع صفائح تكتونية متميزة (صفيحة المحيط الهادئ، وصفيحة الفليبين، والصفيحة الأوراسية، وصفيحة أميركا الشمالية) وتقاطعات ثلاثية تقع على بعد 200 كم من بعضها البعض. وقع الزلزال عند الفالق الذي يربط هاتين النقطتين الثلاثيتين. يُطلق على الخندق الناجم عن هذا الانغماس للصفيحة الفليبينية أسفل صفيحة أميركا الشمالية اسم خندق ساغامي. لم يتم تحديد الهندسة الدقيقة لمستوى الصدع على وجه اليقين، وقد اقترحت دراسات مختلفة نماذج أكثر أو أقل تعقيدًا، بما في ذلك مقطع واحد أو اثنان، أو حتى ثلاثة أجزاء من الصدع، لشرح حركات الأرض التي لوحظت أثناء الزلزال (الملاحظات الجيوديسية).يذكر التقرير الرسمي الذي نُشر في 30 أغسطس/آب 1926، إن الزلزال أدى إلى دمار580397 مبنى وأوقع 141720 ضحية. ومع ذلك، يسجل الأميركي توماس جاغار، خبير العوامل البركانية، في مقال نُشر العام 1924، رقم 400 ألف ضحية. تحدثت مصادر عديدة عن مقتل حشد من 32000 شخص في منطقة هونغو. وفي طوكيو اندلعت الحرائق بلا رادع، وقتل العديد من الأشخاص بسبب الذعر العام. كما أنه وفقًا لدراسة أجراها مركز أبحاث كاجيما كوبوري في العام 2004، فقد قُتل أو فُقد 105385 شخصًا. ويعتقد أن معظم الوفيات نجم عن 88 حريقًا اشتعلت بشكل منفصل، وانتشرت بسرعة بسبب الرياح القوية التي تسبب بها إعصار وقع بالقرب من شبه جزيرة نوتو. هذا، وكان أجرى عالم الأرصاد الجوية الياباني ساكوهي فوجيوهارا، أيضًا، دراسة حول الظروف التي أدت إلى انتشاره. ونظرًا لأن الزلزال دمّر طرق الوصول إلى المياه، فقد استغرق الأمر يومين لإخماد جميع الحرائق. لحق الدمار بأكثر من 570000 منزل، مما أدى إلى تشريد ما يقدر بنحو 1.9 مليون إنسان أصبحوا بلا مأوى. قّدرت الأضرار بأكثر من مليار دولار أميركي بالقيم المعاصرة، في حين قدّر توماس جاغار من جانبه الضرر بنحو 4.5 مليارات دولار في ذلك الوقت.أدت الفوضى والذعر الناجمان عن الزلزال إلى انتشار العديد من الإشاعات الكاذبة. فقد نشرت الصحف اليابانية مقالات ومعلومات متهوّرة أو مبالغ فيها، مثل إبادة طوكيو، والغرق في بحر سهل كانتو بأكمله، وتدمير أرخبيل إيزو بسبب الانفجارات البركانية، أو ظهور موجات تسونامي ضخمة تصل إلى جبل أكاجي (يقع في وسط البلاد). انتشرت شائعة في البلاد تتهم الكوريين المقيمين في اليابان بالاستفادة من الكارثة للنهب والسرقة وتسميم الآبار وإشعال الحرائق. عززت الحرائق العديدة في كل مكان من قوة هذه الشائعات، وبدأت المليشيات الشعبية في ملاحقة السكان الكوريين، وأردت أعداداً منهم، لا سيما في مدينتي طوكيو ويوكوهاما. وبما أن بعض الكوريين ينطقون حروف "G" أو "J" بلكنة، كانت هناك تقارير عن حواجز طرق في المدن، حيث استعملت الكلمات مثل jū-go-en و go-jus-sen و​​gagigugego كقوالب رمزية لتمييز الأفراد. كانت النتيجة أن أولئك الذين أخطأوا في نطق هذه الكلمات تعرضوا للضرب أو حتى القتل، حتى أن العديد من الصينيين أو الأوكيناويين أو اليابانيين من مناطق أخرى اعتبروا كوريين... من طريق الخطأ.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top