أحدث الكشف عن إصابة امرأة أو أكثر من شخص آخر بأنفلونزا «كورونا» الخطيرة التي تعصف بالبلدان التي ضربتها، في لبنان، صدمة آخذة بالاتساع، وسط أسئلة غربية عجيبة، عن الإجراءات والاحتياطات، والاستعدادات، وطرق المعالجة، بدءاً من اجتماع اللجنة الوزارية برئاسة الرئيس حسان دياب صباح اليوم، في وقت ما تزال بعثة صندوق النقد الدولي، تجول وتصول، وسط بحث، تردَّد بقوة انه تجاوز ما اصطلح على اعتباره «جلسات تعارف» أو «مشورة تقنية» إلى توقعات، كشفت عنها مؤسسة مودير (Moods)، إذ بعدما خفضت تصنف «حكومة لبنان الى CA من CAA2» مع «النظرة المستقبلية» إلى مستقرة».تحدثت عن ان «توقعات لبنان تتماشى مع آفاق توافر تمويل خارجي بدعم من مشاركة صندوق النقد الدولي التي يقوضها السجّل الضعيف لبيروت على صعيد تطبيق السياسات».
واستند التصنيف إلى توقعات بأن يتكبد «الدائنون من القطاع الخاص خسائر كبيرة على الارجح في ظل إعادة هيكلة للدين الحكومي».
ولم يقتصر الأمر على تصنيف «موديز» بل ذهبت في المنحى اياه وكالة «ستاندر اندبورز» بتخفيض تصنيف لبنان إلى CC/C توقعاً لإعادة هيكلة الدين مع نظرة مستقبلية سلبية، وعزت خفض تصنيف لبنان إلى اعتقادها أن إعادة الهيكلة أو عدم السداد في دين الحكومة شبه مؤكد بصرف النظر عن التوقيت، واكدت ان الانقسامات الطائفية العميقة في النظام السياسي اللبناني والمخاطر الأمنية الشديدة في المنطقة سيواصلان إعاقة صناعة السياسات».
ورجحت مصادر ان يكون التصنيف اتى في سياق الضغوطات القائمة والارباكات في اتجاه القرار الذي لم يخرج إلى النور، في ضوء ما سمعه كبار المسؤولين من بعثة صندوق النقد الدولي، لجهة سلسلة مترابطة من الإجراءات، تسمح للبنان بالنزول عن «شجرة الأزمة» الشائكة.
وقال مصدر مطلع لـ«اللواء» ان على مجلس الوزراء في جلسته المقبلة اتخاذ القرار المناسب، قبل نهاية الشهر الجاري.
اجتماعات… اجتماعات ولا قرارات
في هذا الوقت تتواصل الاجتماعات ليل نهار في السراي الحكومي من أجل درس الموقف بالنسبة لتسديد سندات «اليوروبوند»، ولكن، حسب معلومات «اللواء» من مصادر وزارية متابعة للموضوع، لم يتخذ بعد القرار سواء بالدفع أو عدم الدفع أو جدولة الديون أو إعادة الهيكلة.
واللافت بروز معلومات للوزير السابق كميل أبو سليمان تفيد انه بالإمكان تمديد مهلة الاستحقاق الأولى «لليوروبوند» من 9 آذار إلى 29 منه، من أجل تمكين الدولة اللبنانية من تحضير اوراقها التفاوضية مع المؤسسات المالية الدائنة، أي حاملة هذه السندات.
وقالت المصادر ان غرف الاجتماعات في السرايا لا تفرغ من المجتمعين والاجتماعات متواصلة سبعة أيام في الاسبوع بمعدل 18 ساعة على اربع وعشرين، لأن الاولوية قبل كل شيء الان لدى رئيس الحكومة دكتور حسان دياب هي لمعالجة الوضع المالي والنقدي الذي بلغ حد الانهيار الفعلي، والمهم ان نعرف الى اين سنصل بالموضوع والى اين سيذهب البلد.
ورداً على سؤال حول اتجاه الخيار الذي رست عليه الاجتماعات؟ قالت المصادر: لم نتخذ القرار بعد، لا لجهة الدفع ام عدم الدفع ولا لجهة اعادة هيكلة او جدولة الدين العام. المهم ان نصل الى قرار يسهم في التخفيف قدر الامكان من حدة الانهيار وتخفيف الخسائر، لأنه حسب الوضع الكارثي الحالي المهم تخفيف الخسائر او الحد منها عبر اي قرار يُتخذ.
وتساءلت المصادر: كيف يمكن ان نتخذ قراراً بالدفع او عدم دفع السندات، او بهيكلة او جدولة الدين العام، والاجتماعات مستمرة مع وفد خبراء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ولم يتوصلوا ال قرار ولن يتوصلوا إلا بعد ايام.؟ واضافت: لكن يجب التوصل الى قرار خلال الايام القليلة المقبلة، اي قبل حلول موعد الاستحقاق في 9 اذار المقبل.
وأفيد ان آخر اجتماع تمّ على هذا الصعيد، بين الثالثة والسادسة من مساء أمس، في حضور وزراء المال غازي وزني والاقتصاد راوول نعمة والعدل ماري كلود نجم والوزير السابق أبو سليمان بصفته الخبير لدى الشركات الاستشارية، حيث تمّ التداول في عروض هذه الشركات لتقديم المشورة المالية والقانونية بخصوص خيارات التعامل مع السندات الدولية.
واطلع المجتمعون على العروض المقدمة من 12 شركة ومؤسسة دولية خبيرة في شؤون التفاوض مع المؤسسات المالية، إلا انه لم يتم اتخاذ أي قرار، في شأن التعاقد مع شركة أو اثنتين لتتوليان التفاوض في شأن هيكلة الديون الخارجية.
وكان وزير المال غازي وزني قد بحث امس، مع وفد من صندوق النقد الدولي برئاسة رئيس البعثة مارتن سيريزوليه، في ما يمكن أن يقدّمه الصندوق من مشورة تقنية لمساعدة لبنان في بناء خطته الإنقاذية. وتمّ التداول في المعطيات المتوافّرة والخيارات الممكنة بناءً على رؤية الوفد وتقييمه لواقع الحال في البلاد، على أن يتم استكمال البحث لبناء تصوّر لكيفية تجاوز الوضع الراهن.
وسيلتقي الوفد مجدداً لجنة الرقابة على المصارف اليوم السبت، قبل ان يغادر بيروت، وفق ما هو مقرر، الا إذا قرّر تأجيل المغادرة إلى الاثنين.
وأوضح رئيس اللجنة سمير حمود ان الوفد أبدى قلقه على تجربة لبنان الأولى في مواجهة هذا الانخفاض الكبير في حجم الاقتصاد والناتج القومي، كما أبدى حرصه على ان يكون هناك برنامج لإعادة رسملة المصارف اللبنانية التي باتت غير قابلة لتحرير التحويلات بالدولار إلى الخارج، فضلاً عن وجود سعرين لصرف الدولار مقابل الليرة.
ولفت إلى ان الوفد لم يقدم أي مشورة حيال موضوع سندات «اليوروبوند» أو عدمه، لأنه ليس من صلب مهمته وعمله، وإنما جاء للاطلاع على الأزمة النقدية والمالية والمصرفية وكيفية إعادة هيكلة أو رسملة المصارف وإعادة توازن المالية العامة والاقتصاد.
تخفيض جديد للتصنيف
وكانت مجموعة من الحراك نفذت اعتصاماً امام مقر إقامة وفد الصندوق في فندق «فينيسيا» احتجاجاً على الأوضاع المالية والاقتصادية، ورفضاً للشروط التي سيطلبها الصندوق من الحكومة، والتي ستنعكس سلباً على المواطنين.